بلغ قبل الوقوف أنه يقع عن الفرض لأنا أسقطنا عنه الوجوب رحمة ونظرا له دفعا للحرج عنه والنظر له في هذه الحالة أن لا يسقط الوجوب لأن الفرض لزمه لما بلغ قبل مضى الوقت وكذلك فرض الحج يلزمه الوقوف إذا بلغ الوقوف بعرفة فمتى جعل الوجوب عليه من حال صباه [يزفه] ١ بالسقوط عنه بما أدى ومتى لم يجعل على الوجوب بقى تحت عهدة الوجوب إلى أن يؤدى ثانيا وهذا كما قلتم في المعاملات أن قبوله للهبة يصح وهبته لا تصح لأن في الهبة ضررا وفى قبوله نفعا.
وقلنا: نحن: إن صدقته باطلة ووصيته بالصدقة صحيحة لأن الصدقة في حال الحياة مضرة في الحال ومنفعته بعد الممات لأن الملك يزول بالموت لولا الصدقة.
وقلنا جميعا: إن نفل الصلاة مشروع في حقه دون الفرض لأن شروع النفل نفع محض أن فعل ينتفع به وإن ترك لم يؤاخذ به والفرض مضرة من وجه وهو المؤاخذة على الترك ولا يلزمنى إبطال قبول هبته لأن الشرع لما جعل ذلك النظر مسوقا له من قبل الولى وقعت الغنيمة به عن ترك الأصل المجتهد في بابه فإنه لاستيفائه النظر له كما لا يجوز بيعه ما ساوى درهما بألف درهم وفيه نفع لأنه مما استوفى له ذلك بالولى.
قال: والحجة لعلمائنا أنه لما سبق ثبت أن الصبى مثل البالغ في أهلية الوجوب وأن السقوط عنه بعذر الحرج كما في البالغ لم يسقط إلا ما احتمل أن لا يكون مشروعا حقا لله تعالى كالصلوات الخمس والفروع التي تحتمل النسخ والتبديل وثبوتها مشروع بعد البلوغ في وقت دون وقت وأما معرفة الله تعالى بصفاته لا أن لا يكون ثابتا مشروعا حقا لله تعالى.
ألا ترى أنا لا نجد شيئا من العبادات والأجزية إلا ويسقط بعذر ما بعد البلوغ فكان السقوط بعذر الصبا أولى لأنه رأس الأعذار لأنه في أول أمره لا يقدر أصلا ولا يتم قدرته ما لم يعتدل قوامه ولأن سقوط ما سقط عن الصبى لم يكن إلا للعجز عن الأداء دفعا للحرج عنه حتى لا يتضاعف عليه القضاء بعد البلوغ ووجوب أصل الإيمان عليه لحال الصبا لا يوجب تضاعف الأداء بعد البلوغ ولأن الصبى مثل البالغ في صحة الوجوب عليه متى تقرر سبب الوجوب في حقه.
والدليل عليه حقوق العباد وهذا لأن السبب لا يعتبر صحيحا شرعيا بنفسه وإنما يعتبر