للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يتتبع في حرص كتابات أستاذه الشيخ محمد عبده، والكتاب المعاصرين له، وبخاصة ذوي الفكر منهم، ويقرأ بنهم الكتب المترجمة، وبخاصة القصص المترجمة على اختلاف أنواعها، وإن أعجبه منها القصص الرومانسية، ويقول العلامة "جب": "ليس كالمنفلوطي من يتخذ مثلًا باهرًا على أثر التيارات الغربية في العالم العربي".

ثم اتصل بسعد زغلول عن طريق الإمام محمد عبده، وعن طريقهما تعرف بالسيد علي يوسف، صاحب المؤيد، وقد كان لهؤلاء الثلاثة: محمد عبده وسعد زغلول وعلي يوسف أثر كبير في شهرة المنفلوطي ودفعه في الطريق الذي اختاره لنفسه، وهو طريق الأدب والإصلاح الاجتماعي.

ولما اشتد الخلف بين الإمام محمد عبده والخديوي عباس على نحو ما فصلنا فيما سبق من كتابنا "في الأدب الحديث" الجزء الأول هجا المنفلوطي عباسًا بقصيدة مطلعها:

قدوم ولكن لا أقول سعيد ... وملك وإن طال المدى سيبيد

رحلت ووجه الناس بالبشر باسم ... وعدت وحزن في القلوب شديد

علام التهاني؟ هل هناك مآثر ... فتحمد أم سعي لديك حميد

تذكرنا رؤياك أيام أنزلت ... علينا خطوب من جدودك سود

فما قام منكم بالعدالة طارق ... ولا سار منكم بالسداد تليد

كأني بقصر الملك أصبح بائدًا ... من الظلم، والظلم المبين يبيد

وقد نثرت في ٣ من نوفمبر ١٨٩٧، وكان هذا اليوم ميعاد عودة عباس من رحلته إلى أوروبا، وحكم على المنفلوطي بالسجن عامًا، وبغرامة قدرها عشرون جنيهًا، وقضى بسجنه ستة أشهر، وبعد وساطة من الإمام محمد عبده لدى الخديوي حين عاد الوفاق بينهما أفرج عنه، ولما خرج مدح الخديوي شاكرًا بعدة قصائد يقول في إحداها:

وعفوت عني عفو مقتدر ... والذنب فوق العفو والغفر

<<  <   >  >>