بعض هذه الكتب وضع في أغراض شتى جمع بينها كتاب مثل أسواق الذهب لشوقي، وصهاريج اللؤلؤ للبكري، وبعضها شبه قصة تعالج مشكلات اجتماعية، وتتعرض للوصف على أسلوب المقامة كحديث عيسى بن هشام وليالي سطيح.
ومن الظاهر التي شاعت في أخريات هذا العصر استخدام النثر في موضوعات الشعر، كما رأينا عند فكري في وصف حديقة، أو وصف يوم مطير بالآستانة، وكما رأينا عند حفني ناصف من وصف هدية العنب، أو وصف العصا، وممن اشتهر بهذا اللون كذلك مصطفى نجيب وله براعة في وصف المخترعات الحديثة، ومظاهر المدينة بقلم أديب، وخيال شاعر كوصفه للحاكي ووصفه للنظارة التي يقول عنها:"فلو كانت في يد ذلك الظمآن -استغفر الله- لما كان يحسب أن الشراب ما استغربتها العقول، حتى صار لكل إنسان فيها نظر، واطلعت على تفاوت الناس، فجاءت لكل بصر بقدر، ونال بها كل قصده ومرامه، واستوى عندها، أعمى وأعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامة، فلو كانت عينا لكشفت حقائق الضمائر، ونظر بها تقلب القلوب، وحقيقة البصائر، شهد لها الجمع بالفضل لما ظهر لكل إنسان لديها حالة ضعفه، وعظم مقدارها كل فرد ورفعها -رغبة أو رغمًا- على أنفه".
وقد كان مصطفى نجيب يحسن ابتكار المعاني، وتوليدها وصوغها في ذلك الأسلوب الرشيق، كما اشتهر بالملح، والدعابة شأن كثير من أدباء مصر، وقد أوردنا وصفه للحاكي كاملًا في الأدب الحديث، وهو ممن يؤثر الأسلوب المسجوع دائمًا، ولكنه في يده لا يشعرك بتكلف، أو تعسف مع تضمين كثير من الآيات القرآنية، والآيات الشعرية.