التي تترجم إلى العربية، فتنقل منها السامي الهدف، ولم تكن الترجمة وقفًا على لغة بعينها، ولكن المترجمين نقلوا من شتى اللغات وقد أصدر الزيات الرواية "في أول فبراير ١٩٧٣" خاصة بالقصة المترجمة والموضوعة، ونشر طه حسين في الهلال مجموعة من القصص المترجمة عن الفرنسية، وقال في التقدمة لها:"إن قصده من ترجمتها إلى البحث العلمي والأدبي أقرب منه إلى التسلية والتلهية، وأنه سيقدم هذه الفصول صورًا موجزة، ولكنها صادقة لبعض الكتاب الفرنسيين وفنونهم في الكتابة، وما ينهجون من طوائف مختلفة في القصص والتحليل ودروس الأخلاق والعادات، وعواطف الناس ومشاعرهم وتصوير ضروب الحياة المختلفة المتباينة -إلى هذه قصدت واتخت القصص الفرنسي وسيلة إلى ما قصدت إليه؛ لأنه أشد فنون الكتابة الفرنسية شيوعًا، وأكثرها انتشارًا، وأصدقها تصويرًا لحياة الفرنسيين".
ومن هذه القصص التي نقلها:"الملوك في المنفى"، و"سافو" لألفونس دوديه، و "الآنسة سوزان" و"السوس الأحمر" لأناتول فرانس.
بيد أن بعض المترجمين لم يتحروا الدقة في اختيار القصص التي يتعرضون لترجمتها، ولم يراعوا طبيعة الجمهور الذي يقرأ لهم، والمرحلة الدقيقة -مرحلة الانتقال التي يجتازها، فجاء كثير من قصصهم داعرًا خليعًا، يصور الحياة الأوروبية في مباذلها وانهيارها، وبخاصة تلك الحياة التي سادت بعد الحرب العالمية الأولى حيث فقدت أوروبا في خلالها كثيرًا من رشدها، وكفرت بكثيبر من القيم والمثل العليا، وأقبلت على ضرورة اللذة والعربدة، وحيث تنكر الناس بعضهم لبعض، وقد أعطتهم الحرب المثل الصاروخ على الوحشية والقطيعة، وانهيار الأخلاق، وكان لذلك تأثير على نفوس القراء ولا سيما الأغراض منهم، ولم تسلم حتى المجلات الراقية نفسها من تسرب بعض هذا اللون من القصص الخليعة إلى صفحاتها.
ومن أهم الموضوعات التي كان لها تأثير في الأدب بعامة وفي أدب المقال بخاصة تلك المقالات التي تعرضت لدراسة الآداب الأجنبية المختلفة والتعرف على مواطن القوة بها، فأخذ الكتاب يتعقبون بالبحث الظواهر والمذاهب الأدبية والنقدية، وأمهات كتب الأدب، ومشاهير أدباء العالم في أوروبا وأمريكا وآسيا.