للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأميرية، والتي كان لها أثر كبير في إحياء تراثنا القديم، وفي تزويد النهضة بالكتب الجديدة.

اعتمد محمد على في النهوض بالمدارس التي فتحها، وبخاصة العالية منها على أساتذة غربيين، ولم يكن الطريق ممهدًا أممامهم، إذا عهد إليهم بالتدريس لطلاب لا يعرفون لغتهم، واقتضى الأمر إقامة عدد من المسترجمين بين الطلبة وأساتذتهم كان معظمهم من المغاربة، والسوريين والأرمن من أمثال الأب "رفائيل راخور" و"يوسف فرعون" و"محمد عمر التونسي"، الذي وضع معجخمًا طبيًا بالفرنسية والعربية، ولقد كان عملهم هذا أول خطوة في تجديد شباب اللغة، وتزويدها بالمصطلحات الفنية، واضطروا إلى مراجعة معجمات اللغة، والكتب القديمة الفنية، كمفردات ابن البيطار وقانون ابن سينا في الطب، وإذا كانت قد غلبتهم الألفاط الأجنبية في كثير من الأحيان، فقد كان لهم الفضل في عقد أول صلة علمية بين الشرق والغرب.

ثم أخذ محمد علي يجني أول ثمار أتعابه، فعاد أعضاء البعثات تباعًا واعتمد عليهم في كثير من شئون النهضة، وقد بلغ من حرصه على معرفة ما أفادوه من بعثاتهم أن كان يحبسهم في القلعة عقب عودتهم، ولا يسمح لهم بتركها إلا إذا ألقوا أو ترجموا كتابًا في المادة التي تخصصوا فيها، ثم يدفع الكتاب إلى المطبعة.

ولما عاد رفاعة الطهطاوي بعد أن قضى خمس سنوات في فرنسا أشار على محمد علي بإنشاء مدرسة الألسن لتعليم اللغات المختلفة، وعهد إليه بإدارتها، وقد نشأ فيها جيل من المصريين زود اللغة العربية بكثير من ثمار الثقافة الغربية، حتى بلغ ما ترجمه رفاعة الطهطاوي، وتلاميذه أكثر من ألف كتاب.

كانت النهضة في عصر محمد علي علمية خالصة، إذ كان يرى أن حاجته إلى العلم أشد من حاجته إلى الأدب، ولذلك كان يوجهها الوجهة التي يريدها، كما أنه كان يؤثر التركية على العربية أول الأمر، ويؤثر الأتراك والألبان ومن على شاكلتهم لشغل منصاب الدولة، ولا سيما في الجيش، حتى الوقائع المصرية وهي

<<  <   >  >>