للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فساقتني عناية المولى أن أجمع بحثاً يضم فيه مسائلهم التي اتفقوا عليها، فإن الشيء إذا ضُمَّ إلى شكله، وقُرِن بنظيره، سَهُلَ حفظه، وأَمكن طَلبه، وقَرُب تناوُله، ووَضُحَ خطأُ من خالف الحق به، ولم يتَعَنَّ المتخصّصون في البحث عن مكانه عند تنازعهم فيه، وكي لا يُدَّعى خلافٌ في مسائله مما لا خلاف فيه أصلاً، وحرصاً على ضبط المتفق عليه فيما بين المسائل الفقهية المختلف فيها، وبعد البحث والدراسة فيمن أَلَّف في بحثي هذا من قبل، لم أجد إلا كتابين جُمعت فيهما المسائل الفقهية المتفق عليها، وهما: (الإجماع): لابن المنذر النيسابوري (١)، و (مراتب الإجماع): لابن حزم الظاهري (٢).

وكلاهما لم يُفصِّلا في هذه المسائل، ولم يذكرا فروعها، ولم يبوبا لها؛ فكتاب الإجماع مثلاً: جمع ما يقارب أربعين اتفاقاً، بينما أتيتُ ببحثي هذا بأضعاف هذا العدد، وكذلك حال كتاب (مراتب الإجماع) (٣).


(١) هو العلامة محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، ولد سنة (٢٤٢ هـ)، وتوفي بمكة سنة (٣١٨ هـ) وصنف في اختلاف العلماء كتباً لم يصنف أحد مثلها، وكان من عظماء الشافعية وأئمة المسلمين وكان يقال له: (الباز الأشهب). (طبقات الفقهاء ٢/ ١١٨).
(٢) هو الإمام الحافظ العلامة علي بن سعيد بن حزم الظاهري، ولد بقرطبة سنة (٣٨٤ هـ). كان ابن حزم كثير الوقعية في العلماء بلسانه وقلمه، فأورثه ذلك حقداً في قلوب أهل زمانه، وما زالوا به حتى بغضوه إلى ملوكهم، فطردوه عن بلاده، حتى كانت وفاته في قرية له في شعبان وقد جاوز التسعين. (البداية والنهاية ١٢/ ١١).
(٣) ومن الكتب المعاصرة الحديثة كتاب "موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي" للأستاذ سعدي أبو جيب.

<<  <   >  >>