للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم).

النهي عن قطع الأيدي في الغزو:

ثم ذكر مثالًا ثانيًا، وهو تعطيل بعض الحدود في دار الحرب، حتى لا يكون ذلك سببًا في إضعاف المسلمين وهزيمتهم، فقال (١):

(المثال الثاني: أن النبي : «نهى أن تقطع الأيدي في الغزو» رواه أبو داود (٢)، فهذا حدٌّ من حدود الله تعالى، وقد نهى عن إقامته في الغزو خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى الله من تعطيله أو تأخيره، من لحوق صاحبه بالمشركين حمِيةً وغضبا، كما قاله عمر وأبو الدرداء وحذيفة وغيرهم.

وقد نصَّ أحمد وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وغيرهم من علماء الإسلام على أن الحدود لا تقام في أرض العدو، وذكرها أبو القاسم الخرقي في مختصره فقال: (لا يقام الحدُّ على مسلم في أرض العدو).

وقد أتى بشر بن أرطأة برجل من الغزاة قد سرق بُخْتِيَّةً (٣) فقال: لولا أني


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٣/ ١٣).
(٢) أخرجه الترمذي برقم (١٤٥٠)، عن بسر بن أرطاة، وهو عند أبي داود برقم (٤٤٠٨) بلفظ: «لا تُقطَعُ الأيدي في السَّفر»، قال الترمذي: (هذا حديث غريب، وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا، ويقال: بسر بن أبي أرطاة أيضًا، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم منهم: الأوزاعي: لا يرون أن يقام الحد في الغزو بحضرة العدو مخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو، فإذا خرج الإمام من أرض الحرب ورجع إلى دار الإسلام أقام الحد على من أصابه كذلك قال الأوزاعي)، والحديث صححه الشيخ الألباني.
(٣) البُخْتِيَّة: الْأُنْثَى مِنْ الْجِمَال، طِوَال الْأَعْنَاق، وَالذَّكَر بُخْتِيّ، وَالْجَمْع بُخْت. ينظر: عون المعبود، العظيم آبادي (٩/ ٤٣٥).

<<  <   >  >>