للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحيح أنه لا يحرم شيء من ذلك، فإن الله تعالى حرم الخبائث من الدم، والميتة، ولحم الخنزير.

وقد ثبت في الصحيحين: عن النبي : أنه قال: «إنما حرم من الميتة أكلها» (١).

ثم إنه حرم لبسها قبل الدباغ، وهذا وجه قوله في حديث عبد الله بن عكيم: «كنت رخصتُ لكم في جلودِ الميتةِ، فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عَصَب» (٢).

فإن الرخصة متقدمة كانت في الانتفاع بالجلود بلا دباغ، كما ذهب إليه طائفة من السلف، فرفَع النهي عما أرخص.

فأما الانتفاع بها بعد الدباغ فلم ينه عنه قط، ولهذا كان آخر الروايتين عن أحمد: إن الدباغ مطهِّرٌ لجلود الميتة، لكن هل يقوم مقام الذكاة، أو مقام الحياة فيطهر جلد المأكول، أو جلد ما كان طاهرًا في الحياة دون ما سوى ذلك؟ على وجهين: أصحّهما الأول، فيطهر بالدباغ ما تطهره الذكاة، لنهيه في حديث عن جلود السباع (٣).


(١) أخرجه البخاري برقم (١٤٩٢)، ومسلم برقم (٣٦٣)، عن ابن عباس .
(٢) أخرج هذا اللفظ الطبراني في الأوسط برقم (١٠٤)، وقال: لم يروه عن أبي سعيد البصري، إلا يحيى بن أيوب، تفرد به: فضالة بن المفضل، عن أبيه، وأخرجه أبو داود برقم (٤١٢٧ - ٤١٢٨)، والترمذي برقم (١٧٢٩)، والنسائي برقم (٤٢٤٩)، وابن ماجه برقم (٣٦١٣)، وأحمد في المسند برقم (١٨٧٨٠)، وليس فيه ذكر الرخصة الأولى.
(٣) يشير إلى حديث أبي المليحِ بنِ أسامة، عن أبيه: أن رسولَ الله نهى عن جُلُودِ السِّبَاعِ، أخرجه أبو داود برقم (٤١٣٢)، والترمذي برقم (١٧٧٠)، والنسائي برقم (٤٢٥٣)، وأحمد في المسند برقم (٢٠٧٠٦)، وصححه الألباني.

<<  <   >  >>