للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد علم أن المهجتين على شرف التلف، إلا واحدة تستدرك بذلك الطعام، فحسُن إيثار غيره على نفسه.

وقال الخطيب في الجامع: كره قوم إيثار الطالب غيره بنوبته في القراءة، لأن قراءة العلم والمسارعة إليه قربة، والإيثار بالقرب مكروه، انتهى.

وقد جزم بذلك النووي في شرح المهذب، وقال في شرح مسلم: الإيثار بالقرب مكروه، أو خلاف الأولى، وإنما يستحب في حظوظ النفس، وأمور الدنيا (١).

قال الزركشي: وكلام الإمام ووالده السابق: يقتضي أن الإيثار بالقرب حرام، فحصل ثلاثة أوجه.

قلت: ليس كذلك، بل الإيثار إن أدى إلى ترك واجب فهو حرام: كالماء، وساتر العورة، والمكان في جماعة لا يمكن أن يصلي فيه أكثر من واحد، ولا تنتهي النوبة، لآخرهم إلا بعد الوقت، وأشباه ذلك، وإن أدى إلى ترك سنة، أو ارتكاب مكروه فمكروه، أو لارتكاب خلاف الأولى، مما ليس فيه نهي مخصوص، فخلاف الأولى وبهذا يرتفع الخلاف).

تنبيه (٢):

(من المشكل على هذه القاعدة: من جاء ولم يجد في الصفِّ فرجةً، فإنه يجرُّ شخصًا بعد الإحرام، ويندب للمجرور أن يساعده، فهذا يفوت على نفسه قربة، وهو أجرُ الصفِّ الأول).


(١) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٤/ ١٦١)، وفتح الباري، ابن حجر (١١/ ٦٤)، وتحفة الأحوذي، المباركفوري (٨/ ٢١).
(٢) ينظر: الأشباه والنظائر، السيوطي (ص ١١٦).

<<  <   >  >>