للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المسألة اختلف فيها العلماء:

فمنهم من رأى أنه يندب للمجرور أن يساعده وإن فوَّت على نفسه الصف المقدم، لأنه من باب التعاون على البر والتقوى.

قال ابن حجر في الفتح (١): (وقد أورد على هذه القاعدة تجويز جذب واحد من الصف الأول ليصلي معه ليخرج الجاذب عن أن يكون مصليًّا خلف الصفِّ وحده لثبوت الزجر عن ذلك، ففي مساعدة المجذوب للجاذب إيثار بقربة كانت له، وهي تحصيل فضيلة الصف الأول؛ ليحصِّلَ فضيلةً تحصل للجاذب، وهي الخروج من الخلاف في بطلان صلاته.

ويمكن الجواب بأنه لا إيثار، إذ حقيقة الإيثار؛ إعطاء ما استحقه لغيره، وهذا لم يعط الجاذب شيئًا، وإنما رجح مصلحته على مصلحته، لأن مساعدة الجاذب على تحصيل مقصود ليس فيه إعطاؤه ما كان يحصل للمجذوب لو لم يوافقه).

ورأى فريق آخر من العلماء أنه ليس للمنفرد خلف الصفِّ أن يجر غيره، لئلا يحدث خللٌ في الصفوف، ولا يشرع للمجرور أن يساعده، وللمنفرد أن يصلي خلف الصف وحده إذا لم يجد مكانًا في الصفِّ، لأن المشقة تجلب التيسير، وقد سبق ذكر ذلك من كلام الإمام ابن القيم وهو الصواب.

واستشكل بعض العلماء حديث سهل بن سعد الساعدي : أن رسول الله أتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟»، فقال الغلام: لا والله يا


(١) ينظر: فتح الباري (١٠/ ٨٧).

<<  <   >  >>