للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، قال: فتلَّه رسول الله في يده (١).

قال ابن حجر في الفتح (٢): (قوله: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟» ظاهر في أنه لو أذن له لأعطاهم، ويؤخذ منه جواز الإيثار بمثل ذلك، وهو مشكل على ما اشتهر من أنه لا إيثار بالقرب، وعبارة إمام الحرمين في هذا: لا يجوز التبرع في العبادات ويجوز في غيرها، وقد يقال: إن القُرب أعمُّ من العبادة).

وأما ابن القيم فقد أجاز الإيثار ببعض القرب فقال (٣): (وقول من قال من الفقهاء: لا يجوز الإيثار بالقرب لا يصحُّ.

وقد آثرت عائشة عمر بن الخطاب بدفنه في بيتها جوارَ النبيِّ ، وسألها عمر ذلك فلم تكره له السؤال، ولا لها البذل، وعلى هذا فإذا سأل الرجل غيره أن يؤثره بمقامه في الصف الأول، لم يكره له السؤال، ولا لذلك البذل ونظائره.

ومن تأمل سيرة الصحابة، وجدهم غير كارهين لذلك، ولا ممتنعين منه، وهل هذا إلا كرمٌ وسخاء، وإيثارٌ على النفس، بما هو أعظم محبوباتها، تفريحًا لأخيه المسلم، وتعظيما لقدره، وإجابةً له إلى ما سأله، وترغيبًا له في الخير، وقد يكون ثوابُ كلِّ واحد من هذه الخصال راجحًا على ثواب تلك القربة، فيكون المؤثر بها ممن تاجر فبذل قربة وأخذ أضعافَها.


(١) أخرجه البخاري برقم (٢٤٥١)، ومسلم برقم (٢٠٣٠).
(٢) ينظر: فتح الباري (١٠/ ٨٧).
(٣) ينظر: زاد المعاد (٣/ ٤٤٢).

<<  <   >  >>