بعد صريح الإقرار وبه الثبوت، وهذا هو الحاصل من هذه الآثار ومن قوله:«ادرءوا الحدود بالشبهات»؛ فكان هذا المعنى مقطوعًا بثبوته من جهة الشرع؛ فكان الشك فيه شكًّا في ضروري فلا يلتفت إلى قائله ولا يعول عليه، وإنما يقع الاختلاف أحيانًا في بعضٍ -أهي شبهة صالحة للدرء أو لا؟ - بين الفقهاء).
وقال السيوطي ﵀ في الأشباه والنظائر (١): (الشبهة تُسقط الحدَّ سواء كانت في الفاعل، كمن وطئ امرأة ظنها حليلته أو في المحل، بأن يكون للواطئ فيها ملك أو شبهة، كالأمة المشتركة، والمكاتبة، وأمة ولده ومملوكته المحرم أو في الطريق بأن يكون حلالًا عند قوم، حرامًا عند آخرين، كنكاح المتعة، والنكاح بلا ولي أو بلا شهود، وكل نكاح مختلف فيه، وشرب الخمر للتداوي، وإن كان الأصح تحريمه، لشبهة الخلاف.
وكذا يسقط الحدُّ بقذف من شهد أربعةٌ بزناها، وأربعٌ أنها عذراء، لاحتمال صدقِ بينة الزنا، وأنها عذراء لم تزل بكارتُها بالزنا. وسقط عنها الحدُّ لشبهة الشهادة بالبكارة، ولا قطع بسرقة مال أصله، وفرعه وسيده، وأصل سيده وفرعه، لشبهة استحقاق النفقة وسرقة ما ظنه ملكَه، أو ملكَ أبيه أو ابنه.
ولا يقتل فاقد الطهورين بترك الصلاة متعمدًا، لأنه مختلف فيه، وكذا من مسَّ أو لمس وصلى متعمدًا وهو شافعي، أو توضأ ولم ينو، ذكره القفال في فتاويه.
ويسقط القصاص أيضًا بالشبهة، فلو قتل الحر المسلم: من لا يُدرى أمسلم أو كافر؟ وحر أو عبد؟ فلا قصاص للشبهة نقله في أصل الروضة، عن البحر).