للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاجة وسوَّغته المصلحة، بخلاف الضرورة فإن ما يجوز لأجلها لا يعتمد شيئا من ذلك.

أما ما لم يرد فيه نص يسوغه، ولا تعاملت عليه الأمة، ولم يكن له نظير في الشرع يمكن إلحاقه به، وليس فيه مصلحة عملية ظاهرة، فإن الذي يظهر عندئذ عدم جوازه، جريًا على ظواهر الشرع، لأن ما يتصور فيه أنه حاجة والحالة هذه يكون غير منطبق على مقاصد الشرع.

وأما ما ورد فيه نصٌّ يمنعه بخصوصه فعدم الجواز فيه واضح، ولو ظنت فيه مصلحة، لأنها حينئذ وهمٌ).

ومما يستدل به على هذه القاعدة:

حديث ترخيص النبي في بيع العرايا، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر، عن زيد بن ثابت ، قال: «رخص النبي أن تباع العرايا (١) بخرصها (٢) تمرًا» (٣).

وقد جاء في بعض روايات الحديث النصُّ على العلة، حيث أخرج الإمام الشافعي (٤) أنه قيل لرجل من أصحاب رسول الله ؛ إما زيد وإما غيره: ما عراياكم هذه؟ قال فلان وفلان وسمى رجالًا محتاجين من الأنصار، شَكَوا إلى رسول الله أن الرطب يأتي، ولا نقد في أيديهم يتبايعون به


(١) قال النووي في شرحه على مسلم (١٠/ ١٨٨): (وأما العرايا: فهي أن يخرص الخارص نخلات فيقول: هذا الرطب الذي عليها إذا يبس تجيء منه ثلاثة أوسق).
(٢) الخَرْص: هو حَزْرُ ما على النخلة من الرطب تمرًا، أي: تقديره.
(٣) أخرجه البخاري برقم (٢٣٨٠)، ومسلم برقم (١٥٣٩).
(٤) ذكره البغوي في شرح السنة (٨/ ٨٩)، وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار برقم (١١٢٧٣).

<<  <   >  >>