للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الشيخ ابن عثيمين بعض المسائل التي تتبع هذه القاعدة، ومن ذلك أفعال شارب الخمر، قال (١): (واختلف العلماء في فعله، هل يؤاخذ به أم لا؟ والصواب أن فعله كفعل المخطئ، لا كفعل المتعمِّد.

فلو قتل إنسانًا لم يُقتصّ منه؛ لأنه لا عقل له، ولكن تؤخذ منه الدية، إلا إذا علمنا أنه تناول المسكر لتنفيذ فعلِه، فإنه يؤاخذ به.

يعني: لو فرضنا أن هذا الرجل يريد أن يقتل شخصًا، فقال: إن قتلته وأنا عاقل قتلوني به، ولكن أشرب مسكرًا وأقتله، وأنا سكران، ففي هذه الحال نقول: إنه يقتل؛ لأنه سَكِرَ من أجل الوصول إلى العمل المحرم، والعبرة في الأمور بمقاصدها، لقول النبي : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (٢).

وقال صاحب تفسير المنار (٣): (والقاعدة الطبيعية الشرعية أن الأمور بمقاصدها، ونحن نرى كثيرًا من الناس يقصدون قراء القرآن في ليالي رمضان أو في المآتم، ليستمعوا إلى فلان القارئ الحسن الصوت لغرض التلذذ بترتيله وتوقيع صوته أو بلاغته، ولا أحد منهم ينتفع بشيء من مواعظ القرآن ونُذُره، وحِكمه وعِبره، ولا عقائده وأحكامه، ومنهم المسلمون وغير المسلمين.

بل سمعت بأذني من غير المسلمين من يستمع القرآن ويعجب من شدة تأثيره وتغلغله في أعماق القلب وهو لا يؤمن به، ولهذا قال تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ﴾ [يونس: ٤٢]، هذا الاستفهام للإنكار، يعني: أن السماع


(١) ينظر: الشرح الممتع، ابن عثيمين (١٤/ ٤٤٣).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ينظر: تفسير المنار، رشيد رضا (١١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>