للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك إذا حلف على ابنه ألا يبيت خارج البيت لخوفه عليه من الفُسَّاق، لكونه أمرد، فالتحى وصار شيخًا لم يحنث بمبيته خارج الدار.

تأثير النية في الأيمان تخصيصًا وتعميمًا وإطلاقًا وتقييدًا:

وهذا كله مذهب مالك وأحمد؛ فإنهما يعتبران النية في الأيمان ومناط اليمين وسببها وما هيَّجها؛ فيحملان اليمين على ذلك (١). وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الأيمان من كتابه: الكافي في مذهب مالك: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نواه الحالف؛ فإن لم يكن له نية نظر إلى بساط قصته، وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. وقال صاحب الجواهر (٢): المقتضيات للبر والحنث أمور:

الأول: النية إذا كانت مما يصلح أن يراد اللفظ بها، سواء كانت مطابقة له، أو زائدة فيه، أو ناقصة عنه؛ بتقييد مطلقه وتخصيص عامه.

الثاني: السبب المثير لليمين ليتعرف منه، ويعبر عنه بالبساط أيضًا، وذلك أن القاصد لليمين لا بد أن تكون له نية، وإنما يذكرها في بعض الأوقات وينساها في بعضها؛ فيكون المحرِّك على اليمين وهو البساط -دليلًا عليها لكن قد يظهر مقتضى المحرك ظهورًا لا إشكال فيه، وقد يخفى في بعض الحالات، وقد يكون ظهوره وخفاؤه بالإضافة (٣).


(١) ينظر: الجامع لعلوم الإمام أحمد (١٢/ ٥٣٤)، (١٣/ ١٦١).
(٢) ينظر: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، الجذامي (٢/ ٣٤٨).
(٣) وزاد صاحب عقد الجواهر، الجذامي (٢/ ٣٤٨): (الثالث: العرف: أعني: ما عرف من مقاصد الناس في أيمانهم، الرابع: مقتضى اللفظ لغة ووضعًا، والمشهور: أن هذه الأمور على ما ذكرناه من الترتيب).

<<  <   >  >>