الثاني: أنه يصلي أربع صلوات إلى أربع جهات ليؤدي مسيتقنًا كما قالوا في الثياب النجسة، وكما قالوا فيمن فاتته صلاة من يوم لا يعلم عينها، صلى خمس صلوات.
والقول الثالث: أنه قد سقط عنه فرض الاستقبال في هذه الحال فيصلي حيث شاء، وهذا مذهب أبي محمد بن حزم.
واحتج بأن الله إنما فرض الاستقبال على العالم بجهة الكعبة القادر على التوجه إليها، فأما العاجز عنها فلم يفرض الله عليه التوجه إليها قط، فلا يجوز أن يلزم بما لا يلزمه الله ورسوله ﷺ به.
وإذا لم يكن التوجه واجبًا عليه لأن وجوبه مشروط بالقدرة، صلى إلى أي جهة شاء كالمسافر المتطوع، والزَّمِنِ الذي لا يمكنه التوجه إلى جهة القبلة.
قلت: وهذا القول أرجحُ وأصح من القول بوجوب أربع صلوات عليه، فإنه إيجاب ما لم يوجبه الله ورسوله ﷺ، ولا نظير له في إيجابات الشارع ألبتة، ولم يعرف في الشريعة موضع واحد أوجب الله على العبد فيه أن يوقع الصلاة ثم يعيدها مرة أخرى، إلا لتفريط في فعلها أولا، كتارك الطمأنينة والمصلي بلا وضوء ونحوه، وأما أن يأمره بصلاة فيصليها بأمره، ثم يأمره بإعادتها بعينها، فهذا لم يقع قط، وأصول الشريعة تردُّه.
ومن هذا الباب لو طلق إحدى امرأتيه بعينها ثم اشتبهت عليه بالأخرى فقيل: يجب عليه اعتزالهما، ويوقف الأمر حتى يتبين الحال وعليه نفقتهما، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين، وهي اختيار صاحب المغني.