للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك من شكَّ في طلوع الفجر وهو يريد الصوم، فإنه يجوز له الأكل والشرب؛ لأن اليقين في حقه بقاءُ الليل.

ومن شك في غروب الشمس وهو صائم فليس له أن يفطر؛ لأن اليقين في حقِّه بقاء النهار (١).

قال ابن عبد البر في التمهيد (٢): (وفي هذا الحديث من الفقه أصل عظيم جسيم مطَّرد في أكثر الأحكام، وهو أن اليقين لا يزيله الشك، وأن الشيء مبني على أصله المعروف حتى يزيله يقين لا شك معه.

وذلك أن الأصل في الظهر أنها فرض بيقين أربع ركعات، فإذا أحرم بها ولزمه إتمامها وشك في ذلك، فالواجب الذي قد ثبت عليه بيقين لا يخرجه منه إلا يقين، فإنه قد أدى ما وجب عليه من ذلك.

وقد غلط قوم من عوام المنتسبين إلى الفقه في هذا الباب، فظنوا أن الشك أوجب على المصلي إتمام صلاته والإتيان بالركعة، واحتجوا لذلك بأعمال الشك في بعض نوازلهم، وهذا جهل بيِّن وليس كما ظنوا، بل اليقين بأنها أربع، فرض عليه إقامتها، وأوجب عليه إتمامها.

وهذا واضح والكلام لوضوحه يكاد يستغنى عنه … ألا ترى أن رسول الله لم ينقله من يقين طهارته إلى شك، بل أمره أن يبني على يقينه في ذلك حتى يصحَّ عنده يقين يصير إليه، والأصل في هذا وفي البناء على اليقين في الصلاة سواء، إلا أن مالكًا قال: من شك في الحدث بعد يقينه بالوضوء


(١) ينظر: القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير، العبد اللطيف (٢/ ٦٦٤).
(٢) ينظر: التمهيد (٥/ ٢٥).

<<  <   >  >>