للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعليه الوضوء، ولم يتابعه على هذا القول أحد من أهل الفقه علمته إلا أصحابُه ومن قلدهم في ذلك (١)، وقد قال أبو الفرج: إن ذلك استحباب واحتياط منه.

وخالف عبد الله بن نافع مالكًا في هذه المسألة فقال: لا وضوء عليه، وقال ابن خواز منداد: اختلفت الرواية عن مالك فيمن توضأ ثم شك هل أحدث أم لا فقد قال: عليه الوضوء، وقد قال: لا وضوء عليه، وهو قول سائر الفقهاء.

قال أبو عمر: مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي ومن سلك سبيله البناء على الأصل حدثًا كان أو طهارة، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور، وداود بن علي وأبي جعفر الطبري، وقد قال مالك: إنه إنْ عرض له ذلك كثيرًا فهو على وضوئه.

وأجمع العلماء أن من أيقن بالحدث وشك في الوضوء أن شكَّه لا يفيد فائدة وأن عليه الوضوء فرضًا، وهذا يدلك على أن الشك عندهم مُلغى، وأن العمل على اليقين عندهم وهذا أصل كبير في الفقه فتدبره وقف عليه).

أنواع الشك:

جاء في غمز عيون البصائر (٢): (اعلم أن الشك على ثلاثة أضرب:

شك طرأ على أصل حرام، وشك طرأ على أصل مباح، وشك لا يعرف أصله.

فالأول: مثل: أن يجد شاة مذبوحة في بلد فيها مسلمون ومجوس فلا تحل، حتى يعلم أنها ذكاةُ مسلم؛ لأن أصلها حرام، وشككنا في الذكاة المبيحة، فلو كان الغالب فيها المسلمين جاز الأكل؛ عملًا بالغالب المفيد للطهورية.


(١) انظر رحمك الله إلى إنصاف وتجرد هذا العالم الكبير، فإنه لم يتابع إمامه في مسألة خالف فيها الدليل الصحيح وجماهير الفقهاء، وإنما اتبع الدليل وإن خالف إمامه.
(٢) ينظر: غمز عيون البصائر، أحمد مكي (١/ ١٩٣).

<<  <   >  >>