والثاني: أن يجد ماء متغيرًا واحتمل تغيره بنجاسة، أو طول مكث، يجوز التطهير به عملًا بأصل الطهارة.
والثالث: مثل معاملة من أكثر ماله حرام ولم يتحقق المأخوذ من ماله عين الحرام، فلا تحرم مبايعته لإمكان الحلال وعدم التحريم، ولكن يُكره خوفًا من الوقوع في الحرام، كذا في فتح القدير).
ومن الأدلة على هذه القاعدة أيضًا: عموم قوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [يونس: ٣٦]، ونحوها قوله تعالى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٨].
وجاء في درر الحكام بشرح مجلة الأحكام (١): («اليقين لا يزول بالشك»: نعم لأن اليقين القوي أقوى من الشك، فلا يرتفع اليقين القوي بالشك الضعيف، أما اليقين فإنما يزول باليقين الآخر، فما ثبت بيقين لا يرتفع بالشك، وما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين.
والشك لغة معناه: التردد.
واصطلاحًا: تردد الفعل بين الوقوع وعدمه، أي: لا يوجد مرجح لأحد على الآخر، ولا يمكن ترجيح أحد الاحتمالين، أما إذا كان الترجيح ممكنًا لأحد الاحتمالين، والقلب غير مطمئن للجهة الراجحة أيضًا فتكون الجهة الراجحة في درجة الظن، والجهة المرجوحة في درجة الوهم، وأما إذا كان القلب يطمئن للجهة الراجحة فتكون (ظنًّا غالبًا)، والظن الغالب ينزل منزلة اليقين.
(١) ينظر: درر الحكام في شرح مجلة الأحكام، علي أفندي (١/ ٢٢). وينظر أيضًا: الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي (٢/ ٧٦)، والمنثور في القواعد الفقهية، الزركشي (٢/ ٢٥٧)، وفتح القدير، الكمال بن الهمام (١/ ١٩١)، والأشباه والنظائر، ابن نجيم (ص ٤٩).