للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واليقين لغة: قرار الشيء، يقال: (يَقِن الماء في الحوض) بمعنى: استقر.

واصطلاحًا: هو حصول الجزم أو الظنِّ الغالب بوقوع الشيء أو عدم وقوعه؟

وقد عرفه البعض بأنه: (هو علم الشيء المستتر عن نظر واستدلال).

ويفهم من هذه الإيضاحات؛ أنه لا يوجد الشك في شيء عند وجود اليقين، ولا اليقين حيث يوجد الشك.

إذ أنهما نقيضان، ولا يجوز اجتماع النقيضين.

والقصد هنا بالشك إنما هو (الشك الطارئ) بعد حصول اليقين في الأمر.

فاليقين السابق لا يزول بالشك الطارئ، وأنه لا يزول إلا بيقين مثله.

مثال ذلك: إذا سافر رجل إلى بلاد بعيدة فانقطعت أخباره مدة طويلة، فانقطاع أخباره يجعل شكًّا في حياته، إلا أن ذلك الشكَّ لا يزيل اليقين، وهو حياته المتيقنة قبلًا، وعلى ذلك فلا يجوز الحكم بموته، وليس لورثته اقتسام تركته ما لم يثبت موته يقينًا.

وبالعكس إذا سافر آخر بسفينة وثبت غرقُها فيحكم بموت الرجل؛ لأن موته ظنُّ غالب والظن الغالب كما تقدم بمنزلة اليقين.

مثال آخر: لو أقر شخص بمبلغ لآخر قائلا أظن أنه يوجد لك بذمتي كذا مبلغ، فإقراره هذا لا يترتب عليه حكم؛ لأن الأصل براءة الذمة، والأصل هو المتيقن فما لم يحصل يقين يشغل ذمته لا يثبت المبلغ عليه للمقر له، إذ أن إقراره لم ينشأ منه عن يقين بل عن شك وظن، وهذا لا يزيل اليقين ببراءة ذمة المقر كما لا يخفى).

<<  <   >  >>