للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعكس ذلك: من كان مدينًا لآخر بيقين، ثم شك في الأداء، فإن الدين لا يسقط ويلزمه أداؤه، لأن الشك لا يزيل اليقين (١).

ولا يشترط في تحقق اليقين الاعتراف والتصديق، بل يتصور مع الجحود، كما قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل: ١٤] (٢).

ومن صور هذه القاعدة:

(ما إذا كان إنسان يعلم أن بَكرًا مدينٌ لعمرو بألف مثلًا، فإنه يجوز له أن يشهد على بكر بالألف، وإن خامره الشك في وفائها، أو في إبراء الدائن له عنها، إذ لا عبرة للشك في جانب اليقين السابق.

ومن ذلك: ما إذا كان يعلم أن العين الفلانية كانت ملك بكرٍ، ثم نازعه فيها أحد، فإنه يجوز له أن يشهد لبكر بأن العين ملكه، وإن كان يحتمل أنه باعها لمن ينازعه، لأن امتلاكه للعين يقين، ومنازعة غيره له فيها شك.

ومن ذلك: ما لو ادعى زيد على عمرو ألفًا مثلًا، فأقام عمرو بينة على الأداء أو الإبراء، فأقام زيد أيضًا بينة على أن له عليه ألفًا، فإن بينةَ زيد هذه لا تقبل من غير أن يبرهن أن الألف المشهود عليها هي غير تلك الألف التي ادعى عمرو أداءها أو الإبراء عنها، لأن فراغ ذمة عمرو بعد البينة التي أقامها أصبح يقينًا، والألف التي أقام زيد عليها البينة مطلقة، فيحتمل أن تكون هي المرادةُ أو المبروءُ عنها، فلا تشغل ذمة عمرو بمجرد الشك، بعد التيقن بفراغها، ولأن الموجب والمسقط إذا اجتمعا يعتبر المسقط متأخرًا.


(١) ينظر: المبادئ الفقهية، أبي الوفاء درويش (ص ١٠).
(٢) ينظر: شرح القواعد الفقهية، أحمد الزرقا (ص ٧٩).

<<  <   >  >>