للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتارة بأن يوصي لأجنبي بزيادة على الثلث، فتنقص حقوق الورثة، ولهذا قال النبي : «الثلث والثلث كثير» (١).

ومتى وصَّى لوارث أو لأجنبي بزيادة على الثلث، لم ينفذ ما وصَّى به إلا بإجازة الورثة، وسواء قصد المضارة أو لم يقصد.

وأما إن قصد المضارَّةَ بالوصية لأجنبي بالثلث، فإنه يأثم بقصده المضارة، وهل تُرَدُّ وصيته إذا ثبت بإقراره أم لا؟ حكى ابن عطية رواية عن مالك أنها تُرد، وقيل: إنه قياس مذهب أحمد.

ومنها: الرجعة في النكاح، وقال تعالى: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ٢٣١]، وقال: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: ٢٢٨].

فدل ذلك على أن من كان قصده بالرجعة المضارة، فإنه آثم بذلك، وهذا كما كانوا في أول الإسلام قبل حصرِ الطلاق في ثلاث يُطلق الرجل امرأته، ثم يتركها حتى يقارب انقضاءَ عدتها، ثم يراجعها، ثم يطلقها، ويفعل ذلك أبدًا بغير نهاية، فيدع المرأة لا مطلقة ولا ممسَكة، فأبطل الله ذلك، وحصر الطلاق في ثلاث مرات.

ومنها: في الإيلاء، فإن الله جعل مدة المُؤلي أربعة أشهر إذا حلف الرجل على امتناعه من وطء زوجته، فإنه يضرب له مدة أربعة أشهر، فإن فاء ورجع إلى الوطء، كان ذلك توبته، وإن أصرَّ على الامتناع لم يمكَّن من ذلك، وفيه قولان للسلف والخلف:


(١) أخرجه البخاري برقم (٢٢٧٤٢)، ومسلم برقم (١٦٢٨)، عن سعد بن أبي وقاص .

<<  <   >  >>