والثاني: أنه يوقف، فإن فاء، وإلا أمر بالطلاق، ولو ترك الوطء لقصد إضرار بغير يمين مدة أربعة أشهر، فقال كثير من أصحابنا: حكمُه حكم المؤلي في ذلك، وقالوا: هو ظاهر كلام أحمد.
وكذا قال جماعة منهم: إذا ترك الوطء أربعة أشهر لغير عذر، ثم طلبت الفرقة فرق بينهما؛ بناء على أن الوطء عندنا في هذه المدة واجب.
واختلفوا: هل يعتبر لذلك قصد الإضرار أم لا يعتبر؟ ومذهب مالك وأصحابه إذا ترك الوطء من غير عذر، فإنه يفسخ نكاحُه، مع اختلافهم في تقدير المدة.
ولو أطال السفر من غير عذر، وطلبت امرأته قدومه، فأبى، فقال مالك وأحمد وإسحاق: يفرقُ الحاكم بينهما، وقدره أحمد بستة أشهر، وإسحاق بمضي سنتين.
ومنها في الرضاع، قال تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، قال مجاهد في قوله: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾.
قال: لا يَمنع أمَّه أن ترضعه ليحزنَها، وقال عطاء وقتادة والزهري وسفيان والسدي وغيرهم: إذا رضيت ما يرضى به غيرها، فهي أحقُّ به، وهذا هو المنصوص عن أحمد، ولو كانت الأم في حبال الزوج.
وقيل: إن كانت في حبال الزوج، فله منعُها من إرضاعه، إلا ألّا يمكن ارتضاعُه من غيرها، وهو قول الشافعي وبعض أصحابنا، لكن إنما يجوز ذلك إذا كان قصد الزوج به توفير الزوجة للاستمتاع، لا مجرد إدخال الضرر عليها.