للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاعتبر الرسولُ عادة أهل مكة في الوزن، لأنهم كانوا أهل نتاجٍ، واعتبر عادة أهل المدينة في الكيل؛ لأن عادتَهم الكيلُ (١).

قال الشيخ أحمد الزرقا (٢): (أصل هذه القاعدة قول ابن مسعود : «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح»، وهو حديث حسن، وإنه وإن كان موقوفًا عليه فله حكم المرفوع، لأنه لا مدخل للرأي فيه.

والعادة: هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم، والمعاودة إليه مرة بعد أخرى، وهي المرادة بالعرف العملي.

فالمراد بها حينئذ ما لا يكون مغايرًا لما عليه أهل الدين والعقل المستقيم ولا منكرًا في نظرهم.

والمراد من كونها عامة: أن تكون مطردة أو غالبة في جميع البلدان.

ومن كونها خاصة: أن تكون كذلك في بعضها، فالاطراد والغلبة شرط لاعتبارها سواء كانت عامة أو خاصة.

ثم إذا لم يرد نصٌّ مخالف يشملها فلا كلام في اعتبارها، فقد نقل ابن عابدين أن العادة إحدى حجج الشرع فيما لا نصَّ فيه.

أما إذا ورد نصٌّ فإما أن يكون نصًّا في مخالفتها، فلا كلام في اعتباره دونها مطلقا، عامة كانت أو خاصة، لأن النصَّ أقوى من العُرف.

فالعمل بها حينئذ عبارة عن ردِّ النصِّ ورفضه للعادة وهو لا يجوز.


(١) ينظر: شرح مشكل الآثار، الطحاوي (٣/ ٢٨٣).
(٢) ينظر: شرح القواعد الفقهية (ص ٢١٩).

<<  <   >  >>