للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: الاستغاثة بالله عبادة يتقرب بها العبد لربه، وسواء كانت الاستغاثة به سبحانه باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته، كرحمته، فكله جائز، وهي نوع دعاء، يؤجر عليها كما يؤجر الداعي لله، قال الله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ (الأنفال: ٩).

وأما الاستغاثة، أو الاستعاذة بغير الله فلها حالتان:

الأولى: تكون جائزة: إذا كانت لحي قادر، كاستغاثة غريق أو واقع في حفرة، برجل لينقذه ويسعفه، فهذا كله جائز؛ لأنه موجه لحي، في أمر يقدر عليه الحي.

ومن ذلك ما وقع لموسى ، قال تعالى: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ (القصص: ١٥).

و كذا صح خبر الذي استعاذ بالنبي وهو حي، وهو ما ورد أن أبا مسعود قال: كنت أضرب غلاما لي فقال: أعوذ برسول الله، وهو يرى النبي فوقفت، فقال رسول الله: «اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام» (١) فهو استعاذ بالنبي وهو موجود.

الثانية: تكون غير جائزة: إذا كانت بغير الله في أمر لا يقدر عليه إلا الله.

مثال ذلك: يقول يا فلان يا ولي فلان أعذني من الأعداء، وأعذني من المرض، وأغثني من المصيبة التي وقعت بي، ونحو ذلك، فهذا لا يجوز، وهو شرك بالله، سواء كانت الاستعاذة أو الاستغاثة بميتٍ مقبور، أو حيٍّ غائب.

ومثال ذلك: ما قاله أحد الكتّاب، حيث قال: ركبنا في السفينة، فمالت بنا وكدنا نغرق، فبدأ بعض أصحاب السفينة يقولون: يا ولي فلان أنقذنا من


(١) أخرجه «مسلم» (١٦٥٩).

<<  <   >  >>