للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وَأَّولُهُمْ نُوحٌ ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: ١٦٥]).

أول رسول أرسله الله للعباد هو نوح ، ويدل لذلك أمران:

١ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [الإسراء: ٧٣].

٢ - حديث أبي هريرة في خبر الشفاعة أن الناس يأتون نوحاً فيقولون: «يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى الْأَرْضِ» (١).

• فإن قيل: آدم أليس قبله، حيث إنه أبو البشر؟

= آدم نبي، وهو أول الأنبياء كما في المسند عن أبي ذر قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ أَوَّلُ؟ قَالَ: "آدَمُ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَنَبِيٌّ كَانَ؟ قَالَ: "نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ» (٢).

أما نوح فهو أول الرسل، وفرق بينهما بأن الرسول هو من أوحي إليه بشرعٍ وأمر بتبليغه (٣).


(١) أخرجه «البخاري» (٣٣٤٠)، و «مسلم» (١٩٤).
(٢) أخرجه «أحمد» (٣٥/ ٤٣٢)، وصححه الألباني في «المشكاة» (٣/ ١٥٩٩).
(٣) قال ابن أبي العز الحنفي: «وَقَدْ ذَكَرُوا فُرُوقًا بَيْنَ النَّبِيِّ وَالرَّسُولِ، وَأَحْسَنُهَا: أَنَّ مَنْ نَبَّأَهُ اللَّهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ، إِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُبَلِّغَ غَيْرَهُ، فَهُوَ نَبِيٌّ رَسُولٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُبَلِّغَ غَيْرَهُ، فَهُوَ نَبِيٌّ وَلَيْسَ بِرَسُولٍ. فَالرَّسُولُ أَخَصُّ مِنَ النَّبِيِّ، فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ، وَلَيْسَ كُلُّ نَبِيٍّ رَسُولًا، وَلَكِنَّ الرِّسَالَةَ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا، فَالنُّبُوَّةُ جُزْءٌ مِنَ الرِّسَالَةِ، إِذِ الرِّسَالَةُ تَتَنَاوَلُ النُّبُوَّةَ وَغَيْرَهَا، بِخِلَافِ الرُّسُلِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتَنَاوَلُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ، بَلِ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ. فَالرِّسَالَةُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا، وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَهْلِهَا»، انظر: «شرح الطحاوية» (١/ ١٥٥).

<<  <   >  >>