حين خلق الله الخلق فإنه لم يتركهم هملاً، وإنما يرسل لهم نبياً ورسولاً يأمرهم بعبادة الله ﷿ وينهاهم عن عبادة الطاغوت، فمن أطاع هذا النبي دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، فالله ﷿ لا يعذب أحدا بلا حجة.
واستدل المؤلف على هذا بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].
ومن أعظم نعم الله على العباد أن بعث لهم الرسل يبشرون وينذرون، وإلى توحيد الله يدعون، فلا تستقيم أمور العباد إلا بالرسل، وحاجة الناس لهم أعظم من الحاجة للطعام والشراب، ولا بقاء لأهل الأرض إلا ببقاء آثار الرسالات.
وقد ذكر الله ﷿ في الآية أن الناس يصيرون تجاه دعوات هؤلاء الرسل إلى إحدى طائفتين:
﴿فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ﴾ [النحل: ٣٦]: أي منهم من يوفقه الله لتصديق رسله، والقبول منهم، والإيمان بالله، والعمل بطاعته، فيفوز، وينجو من عذاب الله
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ﴾ [النحل: ٣٦]: أي ومنهم آخرون حقَّت عليهم الضلالة، فكفروا بالله وكذّبوا رسله، واتبعوا الطاغوت، فأهلكهم الله بعقابه، وأنزل عليهم بأسه الذي لا يردّ عن القوم المجرمين، ولذلك ختم الآية