للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قوله: (المسألة الثَّانِيَةُ: الْعَمَلُ بِهِ).

المسألة الثانية التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها هي: العمل بالعلم، فإذا تعلمت وعرفت وأدركت، بقي عليك أن تعمل بما علمت، فالعمل بالعلم هو ثمرة العلم، فعلم الإنسان بلا عملٍ علمٌ لا يفيده، وترك العمل بالعلم مصيبة؛ لأن من يعلم ليس كالجاهل الذي لا يعلم، فالحجة عليه قد قامت، والمحجة له قد بانت، ولذلك قد قال الناظم (١):

فعالم بعلمه لم يعملن … معذب من قبل عباد الوثن (٢)

لأن الإنسان إذا عَلِمَ وعرف الحق وميز، ثم بعد ذلك لم يعمل بما علم فإنه لا يخلو من أحد حالين:

* إما أن يكون قد تعلم لكي يثنى عليه ويمدح فقط، وهذا من أشنع الأشياء والعياذ بالله، وقد قال النبي في أول من تسجر بهم النار: «وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ … » (٣).


(١) هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسين بن حسن بن علي ابن رسلان الشافعي (المتوفى: ٨٤٤ هـ)، انظر: «الضوء اللامع» للسخاوي (١/ ٢٨٩)، و «البدر الطالع» للشوكاني (١/ ٤٩).
(٢) انظر: «الزبد في الفقه الشافعي».
(٣) أخرجه «مسلم» (١٩٠٥) من حديث أبي هريرة .

<<  <   >  >>