للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قوله: (المسألة الرَّابِعَةُ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ).

المسألة الرابعة: الصبر، فالداعية إلى الله ﷿ لابد أن يوطن نفسه على أن هذا الطريق ليس مفروشاً بالورود، وإنما هو طريقٌ محفوفٌ بالأذى وبالمكاره، ولأجل هذا فعلى الداعية إلى الله أن يضع نصب عينه أنه قد يؤذى، ويبتلى، ويحارب، وقد يناله من الأذى أشد أنواعه في الدنيا، لكن عليه أن يصبر ويتحمل، لأمرين:

١ - لأنه يسلك طريق الأنبياء والمرسلين، فهم قد سبقوه بالدعوة، وسبقوه أيضاً بما نالهم من الأذى والنصب، وقد قال الله ﷿: ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)(العنكبوت: ١ - ٣).

والناظر في سيرة النبي يجد أنه ناله الأذى والشدائد حتى بلغ هذا الدين إلى الناس إلى هذا اليوم، وما ذاك إلا بتوفيق الله، ثم بصبر النبي ومن بعده من الدعاة.

٢ - لأنه بصبره على هذه المشاق ينال الثواب من ربه سبحانه، وبقدر البلاء يرفعه الله ويأجره، وقد قال النبي حين سئل عن أي الناس أشد بلاءً؟ قال: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشي عَلَى الْأَرْضِ، وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ» (١).

ولأجل هذا؛ فصبرك على طريق الدعوة وعلى المكاره التي تأتيك بهذا


(١) أخرجه «أحمد» (٣/ ٧٨)، و «الترمذي» (٢٣٩٨)، و «ابن ماجه» (٤٠٢٣) من حديث سعد بن أبي وقاص ، وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٤٣).

<<  <   >  >>