مقالةٌ سمعها من النبي ﷺ، فيدعو النبي ﷺ لمن بلّغها بعدما سمعها بالرحمة، فكيف بمن عنده من المعلومات، ومن الأحاديث، ومن الاعتقاد، ومن المعرفة الشيء الكثير، ثم هو لا ينفع أحداً، ولا يُعلِّمُ أحداً ممن حوله، وأحسنُ الناس قولاً وهدياً هو ذلك الرجل الذي علم، ثم عمل، ثم دعا، قال الله ﷿: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (فصلت: ٣٣).
• واعلم أن الدعوة إلى هذا العلم الذي تعلمته تكون بأمرين:
* بالقول: سواء كان باللسان، أو بما تؤلفه وتصنفه أو بغير ذلك.
* وبالفعل: بأن تدعو الناس إلى الله بفعلك، بأن تكون قدوة، فتسعى إلى أن تزيل مظاهر الشرك ومظاهر المعاصي قدر استطاعتك، ما لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم، ونحو ذلك من طرائق الدعوة إلى الله ﷾.
• وأمرٌ آخرُ ينبغي على طالب العلم أن يعتني به في الدعوة: وهو أن يبدأ بالأهم فالأهم، فلا يليق بطالب علم يرى أناساً مِنْ حوله قد وقعوا في الشرك، وعندهم بعض المعاصي، ثم هو ينكر عليهم المعصية، ويترك إنكار الشرك، إذ من الخطأ أن تقدم المفضول على الفاضل، وإنما الواجب أن تدعو الناس إلى ما هو أهم، وهو توحيد الله ﷾، ومن تأمل دعوة النبي ﷺ، وجد أن جلّ تركيزه في دعوته إنما كانت دعوةً إلى التوحيد وإلى نبذ الشرك، حتى تحقق ذلك منهم، ثم دعاهم بعد ذلك إلى ما هو دون ذلك.
(١) أخرجه «أحمد» (٧/ ٢٢١)، و «الترمذي» (٢٦٥٧)، وابن حبان في «صحيحه» (١/ ٢٦٨)، والطبراني في «الأوسط» (٢/ ٧٨) من حديث عبد الله بن مسعود ﵁، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٦٧٦٤).