لما كان النبي ﷺ في مكة لم تنزل عليه التشريعات، وإنما كلها دعوة إلى الإيمان، وإلى التوحيد، فلم يأت تشريع بقية أركان الإسلام إلا في المدينة، ما عدا الصلاة فقد فرضت قبيل الهجرة.
إذا تصورت هذا، وأنه ﷺ في كل يومٍ يأمرهم بالتوحيد، ويرغِّبهم فيه، ويحذرهم من الشرك، ويذكر ثواب الموحد في الجنة، وعقوبة المشرك في النار، إذا تصورت كل هذا تبين لك أهمية أن يعتني الداعية بغرس الإيمان وتوحيد الله وتعظيمه في القلوب، وقد ورد في الصحيح أن عائشة ﵂ قالت:«إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبداً .. »(١).