للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قوله: (وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرُونَ وَرُؤُوسُهُمْ خَمْسَةٌ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ، وَمَنْ عُبِدَ وَهُوَ رَاضٍ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ، وَمَنْ ادَّعَى شيئًا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ).

منذ أن وُجِد إبليس في الأرض بتسويله وإغوائه، والطواغيت موجودون، يقلّون ويكثرون، لكن لهم رؤوساً خمسة:

أولهم: إبليس عليه لعنة الله وهو رأس الطواغيت، فمن أطاعه فقد عبده من دون الله، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)(يس: ٦٠ - ٦١)، فمن أطاع الشيطان طاعة مطلقة كاملة، فإنه قد اتخذه معبوداً من دون الله ﷿، إذ الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله.

الثاني من الطواغيت: من عُبد من دون الله تعالى، وهو راضٍ بهذه العبادة، فهو طاغوت، حيث رضي الكفر بالله، ولو لم يدع الناس إلى عبادته.

واعلم أن من عُبد من دون الله فهو لا يخلو من حالتين: إما أن يكون عاقلاً أو يكون غير عاقل، فالعاقل كالآدميين والجن والملائكة، وهم قسمان:

١ - من رضي بذلك كفرعون وإبليس وغيرهم.

٢ - من لم يرض بذلك كعيسى وعزير ومريم، فهؤلاء عُبِدوا من دون الله ولم يرضوا، إنما الطاغوت من عُبد من دون الله وهو يرضى بذلك، فيرى الناسَ يفعلون ذلك، وهو يفرح، ويرى الناسَ يسجدون له ويدعونه من دون الله وهو راضٍ بذلك، فهذا طاغوت؛ لأنه تجاوز حدّه، إذ هو عبد لله لا معبود مع الله.

<<  <   >  >>