للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قوله: (وَدَلِيلُ النَّذْرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ (الإنسان: ٧)).

* هذه آخر عبادة ذكرها المؤلف هنا مقرراً أنها يجب أن تكون لله، وهي عبادة النذر، والكلام عليها في مسألتين:

المسألة الأولى: تعريف النذر.

النذر: هو أن يُلزِمَ المكلفُ نفسه شيئاً لم يجب عليه بأصل الشرع.

مثال ذلك: لله عليّ نذر أن أصوم شهراً، فهذا الصيام ليس واجب عليه في أصل الشرع.

والأصلُ في النذر أنه عبادة، فلا يجوز أن تصرفها لغير الله، فمن صرفها لغير الله فقد وقع في الشرك، وذلك لأنه ما نذر لغير الله إلا لمّا وقع في قلبه التعظيم للمنذور له، أو أنه اعتقد أن له تصرفاً في الكون فهو إذا نذر له ينفعه حينها.

مثال النذر المشروع: لله عليّ نذر أن اقرأ القرآن، أو أن أصوم شهراً، أو أن أحج، سواء علقه بشيء كقول: إن شفى الله مريضي فلله عليّ نذرٌ أن أحج، أو لم يعلقه بشي إنما أطلقه، وقال لله عليّ نذر كذا.

وأما ما ورد في حديث ابن عمر أن النبي نهى عن النذر، وقال: «إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» «(١)، وحديث أبي هريرة مرفوعاً: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنِ ابْنِ آدَمَ شيئًا لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرَهُ لَهُ، وَلَكِنِ النَّذْرُ يُوَافِقُ الْقَدَرَ، فَيُخْرَجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ» «(٢)،


(١) أخرجه «البخاري» (٦٦٠٨)، و «مسلم» (١٦٣٩).
(٢) أخرجه «مسلم» (١٦٤٠).

<<  <   >  >>