للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلم أن كلمة التوحيد ليست مجرد كلمة تقال، وإنما هي قول باللسان، وتحقيق في القلب والأعمال، فالذي تنفعه هذه الكلمة هو من يقولها، ويعمل بمقتضاها، قال المجدد: لا إله إلا الله مع معناها، بمنزلة الروح من الجسد، لا ينتفع بالجسد دون الروح، فكذلك لا ينتفع بهذه الكلمة دون معناها (١)

وكم من امرئٍ ربما نطق بها، وهو يخالفها صباحاً ومساءً، فلا تنفع هذه الكلمة من يخالفها، فيتوجه لغير الله في عباداته، القلبية منها والفعلية، ولو كانت هذه الكلمة مجرد لفظ ينطق، لقالها كفار قريش، وأقبلوا على ما هم عليه من شرك، ولكنهم حينما قال النبي لعمّه أبي طالب: «يا عمّ إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية»، فقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال: «لا إله إلا الله»، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ويقولون أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشيءٌ عُجابٌ (٢).

فاحذر أيها المبارك أن تكون ممن يتلفظ بها، ثم يخالفها، ومهمٌ أن نراجع عباداتنا، هل فيها قصدٌ لغير الله، وأن نُخَلِّصَ أعمالنا من أي شائبةٍ من شوائب الشرك.

المسألة الخامسة: ذكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب أن الناس تجاه (لا إله إلا الله) ثلاث فرق:

* فرقةٌ نطقوا بها وحققوها وعلموا أن لها معنى فعملوا بها، وأن لها نواقض فاجتنبوها، وهؤلاء هم الناجون، وهم المؤمنون حقاً.


(١) انظر: «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (٢/ ١١٣).
(٢) انظر: «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» لابن حبان (١/ ٧٢).

<<  <   >  >>