للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: تكلم العلماء عن الفرق بين الإيمان والإسلام.

* وخلاصة كلامهم أن يقال:

١ - الصواب أن الإيمان يختلف عن الإسلام، وأنهما ليسا بمعنى واحد، وأن الإيمان أرفع من الإسلام (١).

بدلالة: قول الله ﷿: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ (الحجرات: ١٤).

وبدلالة: ما ورد في قصة قوم لوط قال: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)(الذاريات: ٣٥ - ٣٦)، والتفريق هنا لبيت لوط ، فهو بيت مسلم، حتى زوجته كانت مسلمة، لكنها لم تكن من المؤمنين؛ لأنها خانت، وليست خيانتها خيانة فاحشة، فإنه لم تخن زوجة نبي زوجها في هذا الأمر، وإنما كانت خيانتها بإخبارها لقومها بوجود الملائكة، فكانت من المهلكين والله ﷿ أنجى المؤمنين فقط، فدل على أن الإيمان أرفع من الإسلام.

٢ - الإيمان والإسلام إذا اجتمعا في موضع واحد، فَذُكِرَ الإيمانُ والإسلامُ، فإن الإسلام يكون للأعمال الظاهرة، والإيمان يكون للأعمال الباطنة كما هنا، فالإيمان ذكر النبي فيه أعمالاً قلبية باطنة، بخلاف الإسلام، وفي الآية: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾، وأما الإسلام فيكون للأعمال الظاهرة.


(١) وقال بهذا جمهور أهل السنة، وفي المسألة الأولى قولان آخران:
الأول: أن الإسلام والإيمان شيء واحد ولا فرق بينهما، وقال به البخاري، ومحمد بن نصر المروزي وعزاه للجمهور.
القول الثاني: أن الإسلام والإيمان متغايران سواء اجتمعا أو تفرقا، وبه قال الزهري.

<<  <   >  >>