للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعْدَ الفَتْحِ» (١) الهجرة من مكة إلى غيرها من البلاد، وهذا بيان أن مكة ستظل أرض إسلام، ولن تعود أرض كفر بعد ذلك، وأما الهجرة من غيرها إلى بلاد الإسلام فهو باقٍ ولكنه يختلف حكمه.

المسألة الثانية: إذا علمت أن الهجرة تكون من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فما الضابط في تحديد بلد الشرك، وبلد الإسلام؟

= اختلف أهل العلم في تحديد بلد الشرك من بلد الإسلام:

* فمنهم من علق الأمر بالحاكم فقال: إذا كان الحاكم مسلماً فهي بلد إسلام، وإذا كان الحاكم كافراً فهي بلد كفر، كذا قال بعض أهل العلم.

* والأقرب من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن يقال: أن الأمر معلق بالشعائر والأعمال، فبلد الشرك هي البلد التي يكون فيها الشرك ظاهراً منتشراً غالباً، وأما بلد الإسلام فهي البلد التي تكون فيها شعائر الإسلام منتشرة ظاهرة غالبة ويتعبد الإنسان فيها بظهورٍ بلا مضايقة.

قال السعدي : «فبلاد الإسلام التي يحكمها المسلمون وتجري فيه الأحكام الإسلامية، ويكون النفوذ فيها للمسلمين ولو كان جمهور أهلها كفاراً، وبلاد الكفر ضدها فهي التي يحكمها الكفار وتجري فيه أحكام الكفر ويكون النفوذ فيها للكفار، وهي على نوعين: بلاد كفار حربيين، وبلاد كفار مهادنين بينهم وبين المسلمين صلح وهدنة، فتصبح إذا كانت الأحكام للكفار والنفوذ لهم دار كفر ولو كان بها كثير من المسلمين» (٢).

* فإن قال قائل: أنا أحياناً أكون في بلد، وهي بلاد ينتشر فيها الكفر، لكني أستطيع أن أتعبد فيها لله بدون مضايقة، هل هذه بلد إسلام؟


(١) أخرجه: «البخاري» (٢٧٨٣)، و «مسلم» (١٣٥٣) من حديث ابن عباس.
(٢) انظر: «فتاوى السعدي» (١/ ٩٢).

<<  <   >  >>