أراد سبحانه، والرسل إنما كانت مهمتهم توضيح الطريق للعباد، كي يتعبدوا لرب العباد، فلا طريق إلى الوصول إلى الله وإلى تحقيق دين الله، إلا بأن تتبع محمداً ﷺ وأن تعلم أن من عصاه دخل النار، ومن أطاعه دخل الجنة.
وهذه الحكمة، وهذا المقصد تتابع الرسل على الأمر به وتبيينه للناس، قال الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ (النحل: ٣٦).
وقوله:(وبيلاً): أي شديداً مهلكاً، وذلك لأن الله أغرق فرعون وجنوده في البحر حينما كفروا بموسى الذي أرسله الله لهم رسولاً، وفي هذا تحذير لأهل مكة وغيرهم، أن عاقبة معارضي الأنبياء، والذين يقفون في وجه دعوتهم، أن الله يهلكهم في الدنيا، وفي الآخرة مآلهم إلى النار، كما فعل بفرعون وقومه: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ (غافر: ٤٦). نسأل الله السلامة والعافية.
ولأجل هذا فالواجب تجاه الأنبياءِ اتّباعهم، وعبادة الله على مقتضى ما بينه الأنبياء، ومآل من فعل ذلك الجنة بإذن الله ﷿ وبرحمته وفضله.
المسألة الثالثة: ذكر المؤلف في هذه المسألة ما يتعلق بالربوبية، وبالألوهية، حيث قال في الربوبية: أن الله خلقنا ورزقنا، فإفراد الله بالخلق والرزق هو توحيد الربوبية، وهو أمر لم يخالف فيه الناس، ولأجل هذا لم يعرج عليه، فلم يقل: فمن اعتقد أنه لا خالق ولا رازق إلا هو دخل النار، وإنما قال: فمن أطاعه … ، وهذه هي المحك، وهي ما يتعلق بالألوهية.