للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلها من عند الله، بل حتى المشركين يعلمون أن الخزائن من عند الله، وأن الرزق من عنده سبحانه، فوا عجباً لأمرِئٍ يعلم أن الله بيده الرزق، وبيده الجنة، وبيده النار، وبيده كل شيء من أمور الدين والدنيا، ثم تجده يرفع يديه عند قبر، أو عند ولي، أو عند شجرة، أو غير ذلك، ويدعو غير الله .

المسألة الخامسة: إذا عرفت أن الدعاء لله ﷿ عبادة، فدعاء غيره شرك، ويدخل في دعاء الشرك صور ثلاث:

الصورة الأولى: أن يدعو ميتاً، فيقول مثلاً عند رجل صالح، أو عند قبر، أو غير ذلك: يا ولي فلان ارزقني ولداً، يسّر لي وظيفة، ونحو ذلك، فهذا شرك أكبر؛ لأنه صرف العبادة لغير الله ﷿، ولو كان ناطقاً للشهادتين، لأنه خالف مقتضاها.

ويلحق بذلك كل من دعا غائباً؛ لأنه ما دعا الغائب إلا لاعتقاده أن له تصرفاً وتدبيراً في الكون، كمن يدعو رجلاً لكنه في أقصى الأرض، وهو لا يسمع! أو يدعو جنّياً أو غير ذلك فهذا من الشرك الأكبر.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: «فاعلم أن العلماء أجمعوا على أن من صرف شيئًا من نوعي الدعاء لغير الله فهو مشرك، ولو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى وصام، إذ شرط الإسلام مع التلفظ بالشهادتين أن لا يعبد إلا الله، فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله فما أتى بهما حقيقة وإن تلفظ بهما كاليهود الذين يقولون: لا إله إلا الله وهم مشركون، ومجرد التلفظ بهما لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناهما واعتقاده إجماعًا» (١).

الصورة الثانية: دعاءُ الميت بالشفاعة، بأن يقول لرجل ميت: يا ولي فلان اشفع لي عند الله أن يعطيني كذا: فهذا أيضاً لا يجوز؛ لأنه طلبٌ


(١) انظر: «تيسير العزيز الحميد» (ص: ١٨٦).

<<  <   >  >>