للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً: ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (التوبة: ١٣).

ولذلك فإن الذي يخشى الناس، ويخشى من المخلوق، ومن أعداء الدين خشيةً يترتب عليها تعظيمهم، وترك الدين لأجلهم، لأنه يعلم بأنهم قادرون على أذيته وإلحاق الضرر به، فهذا شرك، وإنما الخشية لا تكون إلا من الله سبحانه.

واعلم أن الخشية لله تتحقق من المعرفة بالله، قال ابن القيم: «كلما ازدادت معرفة العبد بربه ازدادت هيبته له وخشيته إياه، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨]. أي العلماء به، وقال النبي : «أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية» إلى أن قال: ومن عرف الله صفا له العيش وطابت له الحياة وهابه كل شيء وذهب عنه خوف المخلوقين وأنس بالله واستوحش من الناس وأورثته المعرفة الحياء من الله والتعظيم له والإجلال والمراقبة والمحبة والتوكل عليه والإنابة إليه والرضا به والتسليم لأمره» (١).

وقال ابن كثير: «إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر» (٢).

ويقال في أقسام الخشية ما يقال في أقسام الخوف.


(١) انظر: «روضة المحبين» (ص: ٤٠٦).
(٢) انظر: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (٣/ ٥٦١).

<<  <   >  >>