للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتواد الفريقان وتحابوا (١) . قال ابن كثير: وهذا عجيب جداً إلا أن يكون من باب التقية) (٢) .

وأقول: إن الدليل على أنه تقية أنه بعد ذلك بسنة واحدة ـ أي في سنة ٤٤٣ ـ قام الروافض ونصبوا أبراجاً وكتبوا عليها بالذهب: (محمد وعلي خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر) (٣) . وهذا تكفير لمن قدم الخلفاء الثلاثة على علي وهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتنزيل لعلي - رضي الله عنه - منزلة أفضل الرسل والأنبياء. فبسبب صنيع الرافضة هذا اشتعلت الفتنة بين الفريقين ووقعت الحرب بينهما (٤) .

ثم عاد التصالح بين الفريقين مرة ثالثة، وأشار إلى ذلك بعض المؤرخين بقوله: وفي سنة ٤٨٨هـ (اصطلح أهل الكرخ من الرافضة والسنّة مع بقية المحال، تزاوروا وتواصلوا وتواكلوا وكان هذا من العجائب) (٥) .

هذا ما ذكرته كتب التاريخ التي اطلعنا عليها من حوادث الوفاق والتآلف، وكانت هذه "المحاولات" في خضم الأحداث الكبيرة العنيفة من الصراع بين الطائفتين أشبه ما تكون بومضة برق في ليل


(١) المصدر السابق: (١٢/٥٦) ، وراجع: ابن الجوزي: «المنتظم» : (٨/١٤٥) ، الذهبي: «العبر» : (٣/١٩٩) .
(٢) ابن كثير: «البداية والنهاية» : (١٢/٦١) ، وقال الذهبي معلقاً على هذا الاتفاق: (وهذا شيء لم يعهد من دهر) . الذهبي: «العبر» : (٣/١٩٩) .
(٣) ، (٤) انظر ابن الجوزي: «المنتظم» : (٨/١٤٩) ، ابن كثير: «البداية والنهاية» : (١٢/٦٢) .
(٥) ابن الجوزي: «المنتظم» : (٩/٨٧) ، ابن كثير: «البداية والنهاية» : (١٢/١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>