الفاسق وأناب، وصاروا عدولا فشهدوا بتلك الشهادات وجب قبولها، لأن الحاكم إن كَانَ عالما بأحوالهم وقت شهدوا بالشهادة الأولى لم يقبلها ولم يسأل عنهم.
وإن كَانَ وقت شهدوا جاهلا بأحوالهم كتبها وسأل عنهم ثم ردها فلا فرق بينهم فِي ذَلِكَ، وَلا أعلم مع من قبل شهادة الكافر والصغير إذا بلغ هذا وأسلم الآخر وكانا عدلين، ورد شهادة العدل غيرهما فرقا.
فأما العبيد فشهادتهم جائزة إذا كانوا عدولا قوله:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] .
وأجمع كل من يحفظ عَنْهُ من أهل العلم عَلَى أن شهادة أربعة عَلَى شهادة شاهدين جائزة فِي الأموال.
واختلفوا فيما سوى ذَلِكَ من الحدود، وكان الشعبي، والنخعي، والكوفي لا يجيزون الشهادة عَلَى الشهادة فِي الحدود والقذف وكل شيء من الحقوق.
والاختلاف من الشهادة تنصرف عَلَى وجهين: أحدهما: الشهادة عَلَى الإقرار كالرجل يشهد الرجل بمكة عَلَى أن لزيد عليه كذا ويشهد آخر عَلَى مثل ذَلِكَ الإقرار بالمدينة، فهذا وما أشبهه الشهادة عَلَيْهَا جائزة.
والوجه الآخر: الشهادة عَلَى الأفعال فِي الأماكن المختلفة كالرجل يشهد أن زيدا قتل عمرا بالمدينة، ويشهد آخر عَلَى أن زيدا قتل عمرا بمكة فهذا وما أشبه ذَلِكَ الشهادة فِيهِ مردودة، لأن عمرا إذا قتل بالمدينة فغير جائز أن يقتل ثانيا بمكة.
والشهادة عَلَى الخط لا تجوز إذا لم يذكر الشاهد الشهادة، قَالَ اللَّه تعالى:{إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف: ٨٦] .
وإذا شهد الشاهدان عَلَى رجل بقتل فقتل، أو بقطع يد فقطعت ثم رجعا عن الشهادة سئلا، فإن قَالا: تعمدنا كَانَ عليهما القود فِي النفس إلا أن يختار الأولياء الدية فيكون