للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وتقديمُ ما لا يُجر على ما قد يُجر) - فإذا قلت: اخترتُ زيداً الرجال، فالأصلُ تقديم زيد على الرجال، لأن الأصل: اخترتُ زيداً من الرجال، وعُلقةُ ما يتعدى إليه العامل بلا واسطة أقوى من علقة ما قد يتعدى إليه بواسطة، ولهذا جاز، اخترتُ قومه عمراً، إذ الأصل اخترتُ عمراً من قومه؛ وامتنع: اخترت أحدهم القوم، إذ الأصل: اخترتُ أحدهم من القوم، فكل في موضعه، فيلزم عودُ الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، بخلاف المسألة الأولى؛ ومن أجاز: ضرب غلامه زيداً، أجاز: اخترتُ أحدهم القوم، واخترتُ أحدهم من القوم.

(وتركُ هذا الأصل واجب وجائزٌ وممتنع لمثل القرائن المذكورة فيما مضى) - فالواجب نحو: ما أعطيتُ درهماً إلا زيداً، إذ هو مثل: ما ضرب عمراً إلا زيدٌ، وكذا نحو: أعطيت الدرهم صاحبه، إذ هو مثل: ضرب زيداً غلامه.

والممتنع نحو: ما أعطيتُ زيداً إلا درهماً، إذ هو مثل: ما ضرب زيدٌ إلا عمراً، وكذا: أضربتُ زيداً عمراً، أي جعلت زيداً يضربُ عمراً، إذ هو مثل: ضرب موسى عيسى، وهذا المثال صحيح عند من لا يرى أن التعدية بالهمزة سماع في المتعدي قياسٌ في اللازم، فأما من رأى ذلك، وهو ظاهر مذهب سيبويه فلا يصح عنده، وما خلا من مقتضى الوجوب والامتناع جائز بقاؤه على الأصل نحو: كسوتُ زيداً ثوباً، وخروجه عن الأصل نحو: كسوتُ ثوباً زيداً، كما يجوز: ضرب زيدٌ عمراً، وضرب عمراً زيدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>