وكذا قولهم، هذا ولا زعماتك، أي هذا هو الحق ولا أتوهم زعماتك، وقيل التقدير: ولا أزعم زعماتك. ومعناه أن المخاطب كان يزعم زعمات، فلما ظهر خلاف قوله قيل له ذلك. ومن شبه المثل في كثرة الاستعمال قولهم: حسبُك، خيراً لك. ووراءك، أوسع لك. ومنه:"انتهوا خيراً لكم"، "فآمنُوا خيراً لكم". ومذهب الخليل وسيبويه أن الناصب هنا فعلٌ دلٌ عليه ما قبله. والتقدير: وائتِ خيراً لك، وائتِ مكاناً أوسع لك، وأتُوا خيراً لكم؛ وذهب الكسائي إلى أن المنصوب هنا خبر كان مضمرة، أي: يكن خيراً لك، ورد عليه الفراء بأنه لو كان كما زعم لجاز: انته أخانا، أي تكن أخانا. ويرد عليه أيضاً الآية الأولى، إذ ليس فيها على قوله دعاء إلى التوحيد، بل نهى عن التثليث فقط، والمراد إنما هو الأول.
وذهب الفراء إلى أن المنصوب صفة مصدر محذوف. أي انتهوا انتهاء خيراً لكم. ورُد عليه بما قبل الآيتين، إذ ليس فيه ما يكون عنه مصدر، وأيضاً فأوسع صفة لمكان لا لمصدر، وأشار بقوله: في كثرة الاستعمال، إلى أن ما لا يكثر استعماله لا يشبه المثل، فلا يكون الحذف فيه لازماً وذلك نحو: انته أمراً قاصداً، أي: وائت أمراً قاصداً. والمعنى انته عن هذا الأمر الذي ليس بقاصد ولا صواب، وائت أمراً فيه القصد والصواب. والقصد