الثقافة الغربية المادية أن تملأ الفراغ الروحي في أوروبا الذي أشرنا إليه، ومن خلال هذا المناخ فإن مراكز الحرب تبقى طالما بقي لأمريكا وروسيا مكان يتم فيه التوافق حول المرحلة التالية والتي نتحدث عنها هنا، أي إيجاد مقارنة بين عنصرين استراتيجيين أساسيين: الأخلاق الروسية أو الأخلاق الأمريكية، وهذا ممكن إذا ما كانت القوة العسكرية الأمريكية في مرتبة أعلى منذ بداية الحرب حتى المرحلة الثانية منها.
وهنا في تقدير هذا الاحتمال وعلى ضوء الحرب الأخيرة؛ يجب أن نأخذ باعتبارنا ما كان من قوة الجند لدى الجندي الروسي عند نقص التموين اللوجستي للحرب أكثر منه لدى الجندي الأمريكي. فقد أثبتت الحرب الكورية ضعف العامل المعنوي لدى الجندي الأمريكي؛ منذ أن وجد نفسه محروما من الكفاية اللازمة ومن الشعور بالأمان الذي تمنحه القوة الميكانيكية في وجه العدو. ففي النزاع القادم سوف يعتمد الشعب الأمريكي بأسره على الآليات الجديدة (V ١ - V ٢) أي السلاح الذري وخلافه، فإذا ما نقصه شيء من عدة الوسائل فإنه مضطر إلى الاعتماد على العدة النفسية؛ كما فعلت بريطانيا في الحرب العالمية الأخيرة، حيث تولت العدة النفسية جبر الحيوية القتالية، وإلا فإن الجندي الأمريكي في النهاية سيفقد ثبات تفوقه.
وإذا كانت الحرب القادمة تبنى على كسب الجبهة القطبية وجبهة الباسيفيك والجبهة الإفريقية؛ فإن الحرب ستؤدي مع تطورها إلى النقص حتما في التموين اللازم، مما يستدعي من جانب أمريكا ضخ مصادرها الداخلية في الولايات المتحدة، وهنا سيستعيد الذهان الكوري في الذاكرة التي تسكن أمريكا الشمالية بأسرها، وحينئد سيكون للجانب المعنوي نتائج مثبطة في ميزان النتائج، وهكذا فإن المقارنة بين سائر العوامل الاستراتيجية الداخلية والخارجية ستكون لمصلحة الشيوعية.