وهنا فالجنود اليابانيون يستطيعون أن يجدوا لدى جارتهم أندونيسيا المستقلة الآليات الفعالة لتصنيع البلاد؛ فتاريخ اليابان نفسه هو أمارة التطور السريع في آسيا الحديثة.
لكن الإنكليز سوف يحاولون حينئذ تفادي تجربة جر لليابان في أندونيسيا، بعد أن تجاوزت اليابان في مدى نصف قرن سائر المراجع التي تفصلها عن نظامها القديم البالي، وأصبحت في العصر الحديث هي الأكثر تقدما، لذا فالإنكليز لا يكررون ذلك في أندونيسيا.
ولكن ومع هذا العائق لنفرض لو أن اليابانيين نزلوا في مرافئ أندونيسيا، بكل بساطة وانفتاح وتعاون، أثناء الحرب المتوقعة؛ فإن الاقتصاد الأندونيسي الذي اخترناه نموذجا من بلد إسلامي، سوف يندفع بسوط حاجات هذه الحرب بأقصى طاقته من إنتاج زراعي وصناعي، لأن الطلب سوف يزيد على كل ما تنتج أندونيسيا، وهنا فكل فريق في الحرب كي يسبق الفريق الآخر يعمد إلى شراء إنتاج أندونيسيا ليقع العدو في فراع يربك حركته القتالية.
هذا التنافس حول الطلب ينشط بدون شك حركة الصناعة في أندونيسيا بما يسرع في برنامجها الاقتصادي.
فالحرب القادمة مع الحياد الإسلامي سوف تفتح الطرق لمقايضة تضع المصارف جانبا؛ لصعوبة أو استحالة في التعامل معها، لذا فطبيعة الواقع تفرض نفسها وتصبح مقايضة طن من الحبوب مثلا، أو من الحديد وما تنتجه المناجم، مقابل آلة صناعية تستورد من الدول المتورطة في الحرب، فإن ذلك سيكمل جهوزية مصانعها الميكانيكية، كل ذلك وفق خطتها الاقتصادية التي شرعت تبنيها بإشراف الخبير الألماني شاخت. وهذا كله يفتح للعالم الإسلامي باب التجارة الدولية، التي هي أساس العلاقات الدولية الاقتصادية إذا ما عم نموذج أندونيسيا على البلاد الإسلامية.