لكن هذا كله يبنى على الصورة التي ستنتهي بها الحرب.
فإذا انتهت الحرب بدون مقاتلين، أو أن أحد الفريقين مني بهزيمة ساحقة تهدمت معها مدنه ومصانعه جزئيا، وغدا اقتصاده منهارا كليا، وبات مجتمعه في حزن بالغ، وضاعت تقاليده في فوضى الهزيمة، فماذا يعني هذا الانتصار؟!
هذا الانتصار سيعني أن المنتصر سيبقى في حدود أرضه سيد ركام الحرب ومآسيه، وهو حر لكن في التفكير في مصيبته، لذا فهذا الانتصار لا يخوله إعادة صياغة نظام عالمي جديد، ومن ثم فالمستقبل سيكون أيضا للبلاد التي بقيت محايدة، وكان حيادها فاعلا ومتحفزا مدركا لأبعاد مستقبله، وهنا في ظل هذا السكون البائس الذي سيركن إليه صراع الحرب المتوقعة سيكون لحياد العالم الإسلامي الكلمة العالية، وهي كلمة قرار في عالم جديد، كلمة تأتي من البلاد الإسلامية متضامنة مع هند نهرو تعلن نهاية الفصل في مصير الاستعمار.
فالنصر إذا ما كان لأمريكا في هذه الحرب المتوقعة؛ فالغرب سيفقد حتما السيطرة والرقابة على آسيا وإفريقية، وقد أصبح قدرهما واحدا مع غياب السيطرة الاستعمارية، أما أوروبا فإنها سوف تقتصر على مواردها الخاصة لغير دعم من مشروع مارشال، كما أنها لن تكون قادرة على إعادة بناء اقتصاد سلام (روماني)، لأن مصانعها المهدمة لم تعد لديها الطاقة في موارد مالية محدودة، فالمستعمرات غدت غير موجودة لتقيل عثراتها مع نهضة آسيا وإفريقية.
فإذا أضفنا إلى ذلك كله أن أوروبا ستفقد سوقها الداخلي حين يصبح إنتاجها أدنى من حاجتها الاستهلاكية، فسوف تتحول إلى زبون الصناعة الناشئة في البلاد الإسلامية الآسيوية والهند.
فكيفما كانت نتيجة الحرب القادمة، فالبلاد الإسلامية ستغادر تخلفها