للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذان البلدان يعطيان فكرة عن مدى الصدمة التي تحدثها عودة الحرب على المستوى الأخلاقي.

فإيطاليا واليونان وفرنسا وكثير من بلاد أخرى كبولونيا؛ حيث خيال الحرب قد تجاوز الكنيسة والمعبد، وهؤلاء جميعا ليسوا سوى شهود على عصر ثائر، وفي تضاعيفه بحث عن إيمان متجدد بإله جديد.

هذا الاهتمام المقلق يقرأ حتى بين أسطر شيوعي منهزم (١)، فالعالم المتحضر وقد أصبح أكثر استعدادا لليأس وهو يطرح أيما مثال يمنحه مرعى روحيا (spirituelle) (إذا تركنا لهذه الكلمة معناها المادي الأكثر عموما).

لأن العالم ينتظر الحديث عن روح لكنها لا تزال لم تلامس بعد نفسا حيا يدفع مشاعره، فماذا ستكون هذه المشاعر؟ وما النموذج الأخلاقي الذي سوف تنطلق به حرب عالمية قادمة؟!

أمريكا التي تتحدث قليلا عن الروح وتؤمن بالآلة التي تنتج رفاهيتها، ماذا سوف تكون عقب حرب ستهدم آلتها ورفاهيتها؟

ألمانيا التي تهدمت في حربين عالميتين سابقتين هل ستستطيع التفكير في حرب عالمية جديدة؟!.

إنكلترا التي تؤمن بعملة الإسترليني؛ كيف ستدفع ما عليها حينما يغدو مصير نقدها مصير المارك ١٩٢٥؟

فرنسا التي حصرت ثقافتها وحياتها في الإمبراطورية الاستعمارية؛ ماذا ستصبح إذا أضحت بدون إمبراطورية ويسودها العجز والانقسام بسبب الحرب، وكيف ستعيش هي نفسها اليوم في ظل حرب مدنية؟!


(١) وهذا المظهر صدمني لأول مرة وأنا أقرأ أطروحة تحظى بكل تقدير لشيوعي فرنسي هو غارودي وقد اعتراه ظمأ شديد للإيمان بإله بعيد عن شروط نهضة فرنسية.

<<  <   >  >>