في الواقع الحرب ستكون ظاهرة دموية تترك المجال لظاهرة دموية أخرى ثانوية من كل مكان، حيث تبقى ثورة مستمرة في كل مستعمرة تسعى للتحرر أو بلد مستعمرة تستولي على السلطة من خلال طبعة جديدة.
بعبارة أخرى هذا الطوفان الآتي ستكون عناصره غير مترابطة. وسيكون طينا طريا مجددا، إنما بأي طين؟ وبأي وحل؟ وبأي اشمئزاز يتركه في ضمير وروح البلاد المتحضرة .. ؟
ففي البلاد المتحضرة نرى المسيحيين الملتزمين قد هربوا من شبكة الكنيسة، إنها شيء من ذفعة روح إصلاحية مسيحية؛ بدأت تحيي في روحهم التعطش إلى سلام وعدالة تبعد شيئا فشيئا عن المرجعية البابوية.
هناك تعارض مخيف لا يجرؤ أحد على التعبير عنه، وهو سوف يضعهم غدا في اندفاع ما مع الحرب القادمة، يجد المرء نفسه وقد توقف إحساسه كإنسان أو توقف عن أن يكون مسيحيا، وفي خضم هذا النهر من الروح الذي يندفع في مجراه أمام مشهد المدن التي غدت مهدمة، والبلاد التي دخلت المآزق واحتواها الصمت، وخراب الأرض المشتعلة؛ يجد نفسه منساقا إلى مصيره. فهل تستطيع الشيوعية استقبال هذا النهر من الإيمان البائس؟ وهي نفسها في قلب الحرب الأخيرة، قد انزاحت عن سرير الانضباط الذي رسمته المادية الجدلية، ليخرج القلق واليأس إلى مساحة من الروح في الكناسس الأرثوذوكسية، وقد بلغ القسمة في حدوده المادية التي هي نقيضها الأعلى .. وهكذا نرى المسيحية ذهجت تنضم إلى الشيوعية؛ ليعبر كل منهما للآخر عن فكرة مواساة.
فالناجون من طوفان النار والحديد؛ هم الذين تستجيب لهم وجهة الإسلام في مقبل العالم القادم، لكن الإسلام لا يحمل مسؤولية هذا الدور؛ إلا حين يستطيع احتواءهم في ثقافته، أكثر مما يعطيهم قيمه من عالم الغيب كرسالة سماوية.