هنا تبرز قضية الدعوة وهي تبنى على أرضية خلفيتها ضد الإسلامية، وهي خلفية تدفع بجذورها التاريخية عميقا؛ لذا فالعمل على أرض كهذه لا بد أن يبدأ بجو غير مباشر؛ من ترغيب خارج حدود هذه الخلفية، أعني العودة بالإنسان الأوروبي إلى أصالته وعفويته، إنما بغير تشوف الطفل، إذا آنس المصلحة والرغبة في مرمى سروره.
فإذا ما توطدت بعد الحرب العلاقات الثقافية بين الشرق والغرب، واختيار أطفال مميزين لاعتبارات جمالية وإحساس أخلاقي، فإن ميزتهم تفتح الطريق إلى تبادلات عكسية مع وحدة المناخ الحضاري القادم مع العصر الذي سيأتي، وهي لذلك تفتح الطريق لزيارات متبادلة؛ إذا ما الطلاب قضوا عطلتهم لدى عائلات أوروبية، فيتركون بذلك مناخا لأفضل سفراء بين الأديان والشعوب والتقاليد، في طابعها العفوي الذي
يلج عبره الأوروبي تعرفا على كل مجهول منه أو غير معروف لديه، في
طابع الحياة الإسلامية العائلية. وبالمقابل إذا ما لبى أطفال أوروبيون دعوة لقضاء عطلتهم لدى أسر مسلمة؛ يتعرفون عبرها ما ينزع إليه الطفل لهوا مسليا بريئا؛ في مناخ إسلامي يعودون به إلى أهليهم، وهم يحدثونهم عرضا عن إطار الحياة الإسلامية؛ صفاء طفولة، ورغبة اكتشاف خارج حدود خلفية تاريخية بنيت ضد الإسلام.
هذه المقدمات العفوية؛ تفتح الطريق بصورة عملية لعمل عبر المختصين؛ مثل محاضرات، أفلام، راديو. إلخ .. وهذا العمل يقوده مركز معلومات في كل عاصمة؛ تنظم فيه جولات في عمق المدينة التي
تعرف تاريخها.
هذا المركز إذا ما قام بمهمة حضارية من بين عشرة مراكز؛ فإن النتيجة ستصبح أجدى: اقتصاديا، وسياسيا، وأخلاقيا، من خمسين عاما مضت من الصراعات والحملات الاستعمارية والدعايات التجارية.