أما في آسيا فالدعوة للإسلام تضع مشكلتها بأسلوب المنهج الآسيوي؛ الذي يستقي طريقته من منهجين دفعة واحدة. فآسيا هي في الواقع أرض الإسلام المتجذر فيها بقوة كما هو في إفريقية، ولكن في الوقت نفسه هناك بلاد اليابان حيث الإسلام هو أيضا غريب عنها كما هي أوروبا وأستراليا وأمريكا.
هنا يجب أن نأخذ بالاعتبار من ناحية أخرى جمهورين من الإنسانية هما الأكثر بروزا، وكل منهما جمع منغلق على نفسه (sur le globe) كما هو الأمر بين الهند والصين، لكن بالنسبة إلى الصين فالمشكلة تطرح كما هي في وسط إفريقية؛ حيث الإسلام أصبح دينا أهليا بالجوار مع المسيحية، فالمسلمون الصينيون يشكلون طائفة هامة من ستين مليونا على الأقل، والإسلام هناك واسع ومتوطن اجتماعيا بمدى واسع، والدعاة الوعاظ يجدون مكانهم ووسائلهم المرتبطة بمركزيتهم العليا (١).
فالصين مركز أساسي للإسلام في الشرق الأدنى في مدى منشوريا وكوريا شمالي اليابان والفلبين، وإلى الشرق الهند الصينية وسيام وبورما، وإلى الجنوب اليابان، والشعب الياباني سيكون أكثر تأثرا بالمسلم الصيني من المسلم العربي؛ بسبب ردة الفعل ضد الأبيض الذي ولد من أوروبا العنصرية، حيث مر الأوروبي في كل مكان كمستعمر أو كجندي احتلال.
والمشكلة ستطرح بالشروط نفسها في الهند، إذا لم يكن الإسلام معزولا عن الجمهور الهندي في حدود مصطنعة نشأت مع دولة باكستان.
وهنا مهما تكن رابطة التعاطف الأخرى التي تربطنا بإخواننا الباكستانيين، فإنه لا يفوتنا شعور بالامتعاض من استقلالهم عن الهند إذا ما أردنا النظر في عمق الأشياء.
(١) أخذنا هذا الرقم من الوثائق المنشورة نحو عام ١٩٣٠ من قبل البعثة في الرحلة الصفراء التي تحدثنا عنها سابقا.